بقلم: ميادة مدحت
الأغبياء والذين لم يقرؤوا التاريخ يقولون أن الشعب المصرى لم يخلق للثورة . هؤلاء لم يعلموا أن هذا الشعب حارب الإمبراطور قسطنطين والامبراطورية الرومانية فى أيام جبروتها متسترا على الأنبا أقناسيوس لمدة عشرين عاما من ولايته قضاها فى المنفى وكنوا أثناءها يقتلون كل بطريرك جديد ترسله الإمبراطورية رغما عن أنفهم ويمثلون بجثثهم فى طرقات الإسكندرية وخلال هذه الأعوام لم تحدث خيانة واحدة ولم يلن عزم المصريين.
وبعد ذلك بعدة قرون جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798لتكشف جبن العثمانيين وفلول المماليك ورحلت ليرحل معها انتماء المصريين لمن أبقوهم فى الظلمات طويلا وتطور الأمر إلى الحد الذى كان فيه الحرافيش –بدعم من الأشراف- يتجمهرون فى انتظار الوالى الجديد الذى يرسله الباب العالى إلى مصر فيقتلونه ويمثلون بجثته قبل أن يصل إلى القلعة وظلوا يقتلون أى والى ترسله الولاية العثمانية حتى وقع اختيارهم على محمد على وسلموه السلطة ..
ومازلت أسمع من البعض النظرية العقيمة عن أن المصريين لا يثورون إلا على الحاكم الأجنبى أو المحتلين وأن التاريخ لم يذكر واقعة ثار فيها المصريون على الفرعون .. فاقدى الذاكرة هؤلاء نسوا حادث المنصة وهو ليس ببعيد حيث لم يكتفى المصريون الثورة على الفرعون عام 1977 ولكنهم أيضا قتلوه فى 1981 ..
الشعب المصرى صبور ولكنه إن نفد صبره يقتل ويثور .. صحيح أنه قد يتحمل الظلم والجوع ولكنه لا يتحمل تزوير إرادته فأبشع جريمة يرتكبها نظام هو أن يزور إرادة الشعب الذى يحكمه وأن يعتقد ذلك النظام الغبى أنه أذكى من شعب عمر حضارته سبعة آلاف من السنين ، كان هذا هو تداعى الأفكار الذى تولد داخلى وأنا أرى وأسمع وأقرأ عن تزييف إرادة الأمة المصرية وفرض نواب زور يتحدثون باسمها بما لا يرضيها ولا يعبر عن مصالح أبنائها .. وقد تخيلت حال مصر لو أن كل دائرة قتلت نائبها المزور .. إن ثورة الغضب فى البرلس التى قطع أبناءها الطريق الدولى وبيلا التى أشعلت النيران فى إحدى اللجان أثناء تسويد البطاقات لصالح مرشح الوطنى أقول أن تلك الثورة قد تمتد من كفر الشيخ إلى مصر كلها والثورة فيروس سياسى معد أرجو أن نعالجه بمضادات التزوير وبترياق الديمقراطية والحكمة قبل أن يبطش بالجميع.
· المصادر:
- خريف الغضب. محمد حسنين هيكل. دار الشروق
- اللاهوت العربى : يوسف زيدان. دار الشروق
- محاضرة للأستاذ الدكتور/ محمد صابر عرب ألقاها فى دار الكتب المصرية العام الماضى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق